هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةدخولأحدث الصورالتسجيلالتسجيل

 

 الرجل الصامت

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
احلى فراشة
۰مؤسسة فراشات زمردة۰
۰مؤسسة فراشات زمردة۰
avatar


» بـلدي : الجزائر
» مشآركاتي : 17710
» My MMS : الرجل الصامت  7715
» مزاجي : الرجل الصامت  837
» نقآطي : 29775
» تقـييمي : 474

الرجل الصامت  Empty
مُساهمةموضوع: الرجل الصامت    الرجل الصامت  I_icon_minitimeالثلاثاء 06 مارس 2012, 14:59

[center][table:2e0e border="0" cellpadding="7" cellspacing="0" width="98%"][tr][td:2e0e height="10"][center][b][size=21][color:2e0e=#0000FF]الرجل الصامت
[/color][/size][/b][/center]
[/td][/tr][tr][td:2e0e height="10"]

[/td][/tr][tr][td:2e0e height="10"]
[b][size=16][color:2e0e=#800000]قصة محمود البدوى[/color][/size][/b]
[/td][/tr][tr][td:2e0e dir="rtl" height="10"] [b]
[/b]
[b]
[size=16]
أحمد إبراهيم ولم يكن هذا اسمه المدون فى شهادة الميلاد .. ولكنه كان اسمه الذى
اشتهر به وأصبح لايسمع سواه ولا ينادى بغيره .. حتى نسى على توالى الأيام اسمه
الحقيقى ..

وعندما التقيت به لأول مرة استرعى انتباهى بهندامه الغريب وملامح وجهه الفريدة
، كان رأسه كبيرا .. وجبهته عريضة .. وأهدابه غزيرة كثة وعيناه ضيقتين تلتمعان
بحدة .. وأنفه قصيرا .. وشعر رأسه أسود خشنا كفروة الخروف ..

وكان يعمل طاهيا فى بيت ضابط النقطة وفى بيتى ، وفى بيوت كثيرة فى الحى .. وما
كنا جميعا ندرى كيف تتاح له كل هذه المقدرة ..

ولكنه فى الواقع لم يكن طاهيا بالمعنى الدقيق لصاحب هذه الصفة .. بل كان لايعرف
إلا صنفا واحدا من الطعام يطهوه فى كل البيوت .. وكنت أجد الكفاية فى أن يجىء
إلى شقتى يومين فى الأسبوع يطهو فيهما وينظف البيت ..

وأحسب ضابط النقطة كان يفعل مثلى .. ويترك ما بقى من الخدمات للعساكر ..

ولا أدرى كيف وقع عليه الضابط .. أما أنا فقد وقعت عليه فى عصر يوم وأنا راجع
من الجامعة ونازل من الترام فى دوران فم الخليج ..

وكان معى كراسة المحاضرات فى يد .. وفى يدى الثانية بطيخة اشتريتها بقرشين من
الميدان .. فأشفق على منظرى وحمل عنى البطيخة إلى البيت ، ومن وقتها لازمنى ..


وكان يرتدى بدلة عسكرى كاملة .. السترة سترة ضابط والبنطلون بنطلون رجل من رجال
السوارى .. ضيق محبوك .. والسترة واسعة مهلهلة .. مفككة الأزرار منفوخة الجيوب
..

فكان منظره مضحكا لكل من يشاهده ، ولكن ما من شخص كان يجرؤ على الضحك عليه ،
لأنه كان مرهوبا من الحى كله لمجرد التصاقه بالنقطة ولأنه يخدم الضابط ..

ولم يكن الضابط الشاب مكروها ، بل كان محبوبا طيب المعشر .. ولم يكن من طباعه
أن يحتجز أحدا من الناس فى النقطة إلا فى حالات الضرورة التى يتطلبـها الموقف
.. بل كان يتصرف بالحسنى والمرونة والكياسة فى غالبية الحالات العارضة ..

وظل هذا الطبـع الخـير يلازمه فى أثنـاء المظاهرات التى كانت كثيرة فى هذه
الحقبة من حياتنا .. والتى كانـت تأتى حشوده من الجيزة ، مركز تجمع الطلبة ،
وتعبر كوبرى عباس .. إلى كوبرى الملك الصالح .. وعنـد دوران فم الخليج ، كان
الضابط يفرقها بالكلمة الطيبة والجلد على مغالبة الموقف .. قبل أن تصـل إلى
مدرسة الطب فى شارع القصر العينى .. وكان دائما يبعد الكونستبلات الإنجليز عن
الاحتكاك بالطلبة وإثارتهم .. ويتصرف بلباقة .. وبجانبه يقف إبراهيم فى بدلته
العسكرية ، طويلا صامتا ، كأنه الجنرال الذى يكتفى بإصدار الأوامر مرة واحدة ..
ثم يطبق بعدها فمه إلى نهاية الجولة .. وما أظن إلا أن حدة الطلبة كانت تتكسر
على طلعته وزيه الغريب .. وتخبو مرة واحدة .. وفى غمضة عين تصبح النار المشتعلة
رمادا وهشيما ..

وكان إبراهيم يستريح من عناء كل الأعمال بعد الغروب ، ويتبختر مزهوا فى المنطقة
بين كوبرى الملك الصالح ودوران فم الخليج .. ويفرض أتاوته على المعدية .. وعلى
الباعة الجائلين ..

وإذا أرخى الظلام رواقه ، أصبح شاطىء الترعة الذى يخيم عليه الشجر الضخم الملتف
رهيب الوحشة فى الليل .. شديد الظلام مرعبا .. حتى لاترى موضع قدميك بعد ثلاثة
أقدام .. لأن هذه المنطقة لاتضاء بالمصابيح اطلاقا ، كما لاتوجد حوانيت فى
الواجهة المقابلة تخفف من وطأة الظلام .. بل كانت هذه الرقعة الكثيفة الأشجار
خالية تماما من الدكاكين .. وحتى المنازل المتناثرة هنا وهناك كانت صامتة
رمادية شهباء خرساء .. تضفى ظلا كئيبا موحشا على الشارع كله ..

ويحدث أن يصدم الترام ، أو تدهس سيارة عابر سبيل وتلقيه تحت الشجر ، أو يطعن
شخص غريمه فى هذه الظلمة الرهيبة ..

وعندما يبلغ الحادث للنقطة يكون ابراهيم فى خطف البرق قد نفض جيوب المصاب ..
قبل أن يأتى المحقق أو تصل عربة الاسعاف ..

وكان يلتذ من هذه العملية حتى وإن لم يجد فى الجيوب غير بضعة قروش قليلة ..
ويعد هذا العمل مغامراته الكبرى .. ويترقب الحوادث ويشتمها من بعيد بلذة عارمة
..

وكان يحكى لى كل ما يجرى ويعترف بعملية السطو الليلية هذه وهو هادىء الملامح
تماما .. كأنه يقوم بعمل مشروع ..

ولما أبديت له سخطى ونفورى من فعله .. قال فى سخرية :
ـ إذا لم أسرقهم أنا سيسرقهم غيرى .. قبل أن يصلوا إلى المستشفى .. أو إلى
المشرحة فى زينهم .. هل تتصور أنه يمكن أن توجد أمانة فى هذا الجو ..؟
ـ لماذا لا ..؟
ـ ان هذا مستحيل تماما .. الحياة غير الذى تقرؤه فى الكتب يا عبد الحميد أفندى
.. عندما تنام عين الإنسان يتحرك الشيطان .. ويتحرك بكل ضراوة .. وسم هذه خسة
.. ولكنى أفعلها .. وسأظل أفعلها ..

وقد عجبت لهذه الأفكار السوداء فى رأس إبراهيم .. وقدرت أن طفولته كانت قاسية
ومرة .. حتى جعلته هكذا ..

ورغم هذه النزوة التى كان يندفع إليها فى الليل ، وهو مسلوب الإرادة تماما ..
فإنه كان فى منتهى الأمانة فى كل ما يتسوقه لى من أشياء .. ولا يزيد مليما
واحدا ، بل كان يتحمل المشقة ويذهب إلى حي السيدة .. ليشترى لى الأجود والأرخص
ويوفر بضعة قروش فى كل مرة ..

ومن البيوت التى كان يخدمها .. شقة فى الدور الرابع فى نفس العمارة التى كنت
أقيم فيها .. وكانت تسكنها سيدة ومعها بناتها الثلاث وكن جميعا يلبسن السواد فى
الليل والنهار .. ووجوههن شاحبة حزينة ..

وكانت هذه الأسرة ضحية لرجل اشتعلت فى رأسه الوطنية ـ منذ الصبا ــ وأخذ يكافح
الاستعمار الإنجليزى بكل الوسائل .. وحدث أن وقعت حادثة اغتيال لبعض كبار
الإنجليز فى مدينة القاهرة فاتهم فيها .. وأعدم .. ونسى الناس الأرملة وبناتها
نسوهن تماما .. وعشن بعد عائلهم فى فقر وحزن ..

وعرفت من إبراهيم أنهن يعشن من دخل ضئيل ولولا هذا لمتن من الجوع .. وكنت كلما
شاهدتهن أشعر بشىء ثقيل يحط على قلبى ويكاد يسحقه .. ويضاعف من ألمى أننى كطالب
فقير لا أستطيع أن أفعل لهن شيئا..

وكنت أتساءل كيف نسيهم الناس ونسيتهم الأحزاب .. ثم أدركت السبب .. كان الخوف
من بطش الإنجليز وإرهابهم يبعد الناس عنهم .. لقد أمات الإرهاب كل مروءة وشهامة
فى طباع البشر .. وقتل الخوف كل خير فى الإنسان ..

وإلى جانب هذه الأسرة التاعسة التى نسيها الناس .. يعيش فى القاهرة نفسها
المهرجون والخونة والمتجرون فى الوطنية .. يعيشون فى القصور ويكنزون الأموال ..


وكان إبراهيم الذى لا يعبأ بالطعام ، ولا بالشراب ، ينام كيفما اتفق فى مدخل
العمارة .. أو على البسطة التى أمام شقة الأرملة وبناتها .. يفرش حصيرا ويتمدد
.. وكثيرا ما كانت تنتابه حالة اكتئاب حادة تجعلنى فى حيرة من أمره .. وفى
أثناء هذه الحالة يكون طعامه رديئا .. وطباعه متغيرة ..

وكان يتقاضى منى جنيها واحدا فى الشهر نظير خدمته .. ولا يطلبه إلا إذا أعطيته
له .. فلم يكن فى حاجة لنقود لطعامه ، أو ملابسه لأنه يأكل فى البيوت التى
يشتغل فيها ويرتدى الملابس القديمة .. ويوما طلب منى هذا الجنيه وهو يبدى أسفه
، وعلى وجهه الخجل ، فأعطيته له ولم أسأله عن السبب .. فتناوله وخرج فى الحال
..

وقد جعلنى هذا أراقبه من النافذة .. ورأيته بعد ساعة يدور فى الميدان ، وبجواره
طبيب الحى ممسكا بحقيبته ..
ثم وجدته يصعد به إلى شقة الأرملة ..

وحدث ما جعله يدخل قفص النقطة .. وهو الذى كان يتفرج على المحجوزين فيه ويسخر
منهم .. ذلك أنه شاهد شابا خليعا يلاحق كبرى بنات الأرملة .. تحت الشجر ..
ويمسكها من معصمها فى غبش الظلمة .. فصرخت الفتاة وكان إبراهيم يعس كعادته فى
هذه الجهة .. فجرى على صوتها وأمسك بتلابيب الشاب .. وكان مع هذا نصل حاد أراد
أن يطعن به إبراهيم .. فانتزعه منه إبراهيم ، وهو فى ثورة غضبه على الفتاة ،
وطعنه بقوة وسقط الشاب ..

وتجمع الناس فى الظلمة .. وقد روعهم المشهد الدامى .. ولكن إبراهيم تقدم وحده
دون أن يمسك به إنسان .. ودخل النقطة ..

وروت الأرملة كل شىء عنه بعد ذلك .. وكيف أنه كان يعطيهم كل ما كان معه من نقود
، ويحرم نفسه من كل الأشياء ..

وأدركت أنا ، بعد اعترافها هذا ، أنه كان يعطيهم حتى النقود التى كان يجمعها من
جيوب المصابين فى الحوادث ..

===============================
نشرت القصة فى مجلة الثقافة عدد مارس 1976 وأعيد نشرها فى مجموعة قصص لمحمود
البدوى بعنوان " عودة الابن الضال " ـ مكتبة مصر 2001 [/size][/b]
[/td][/tr][/table][/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فراشة الكون
فــرآشــه مـثـآلـيـة ~
فــرآشــه مـثـآلـيـة ~
فراشة الكون


» بـلدي : مصر ام الدنيا
» مشآركاتي : 3917
» My MMS : الرجل الصامت  7715
» مزاجي : الرجل الصامت  1126
» نقآطي : 9599
» تقـييمي : 68

الرجل الصامت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرجل الصامت    الرجل الصامت  I_icon_minitimeالثلاثاء 06 مارس 2012, 15:12

[center]
[center][color:8d93=RoyalBlue][b]مشكووورة
قصة اكثر من روعة
مع كل تحياتي و كل حبي
صديقتك التي تمووووت فيكي : آلاء[/b][/color]
[/center]
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غادة
۰مساعدة فراشات زمردة۰
۰مساعدة فراشات زمردة۰
غادة


» بـلدي : الجزائر
» مشآركاتي : 15473
» My MMS : الرجل الصامت  6613
» مزاجي : الرجل الصامت  1326
» نقآطي : 32967
» تقـييمي : 203

الرجل الصامت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرجل الصامت    الرجل الصامت  I_icon_minitimeالثلاثاء 06 مارس 2012, 18:13

بارك الله فيكي
قصة روعة
تسلمي
غادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلى فراشة
۰مؤسسة فراشات زمردة۰
۰مؤسسة فراشات زمردة۰
avatar


» بـلدي : الجزائر
» مشآركاتي : 17710
» My MMS : الرجل الصامت  7715
» مزاجي : الرجل الصامت  837
» نقآطي : 29775
» تقـييمي : 474

الرجل الصامت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرجل الصامت    الرجل الصامت  I_icon_minitimeالجمعة 30 مارس 2012, 14:50

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرجل الصامت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حمار الرجل الصالح
» الإستهبال له عواقبه مثل هذا الرجل .....
»  أيها الرجل ..هل تعرف من هي المرأة ؟؟؟
»  قصة الرجل الفقير والامير الظا
» كرتون الرجل الصخري العجوز

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الثقافي :: »مكتبة الفراشات-
انتقل الى: